الاثنين، 23 فبراير 2009

أموت....و أبتسم


كان يا ما كان يا سعد يا إكرام و ما يحلى الكلام إلا بذكر النبي - صلى الله عليه و آله و سلم – ( و لو حد يعرف مين سعد و مين إكرام يا ريت يشجيناJ) ..كان في ولد صغير ...قصير ....رفيع...لكن له قلب أبيض كبير ....بسحنته البرونزية ( و هي كلمة أستعرها مؤقتاٌ من جدتي) ...و شعره الناعم ..الذي يتداخل فيه الأشقر مع البني!!! و الملحوظ أنه صاحبنا ده كان هو أول من طلع صرعة السابيكي...و ده من تسعينات القرن الماضي!!! و ده بصورة طبيعية ربانية ..و بدون أدنى تدخل من الجل ...أو السشوار!!...صاحبنا والذي نظراً أن الستر نعمة ..حنحجب أسمه و حسميه محمدين ..محمدين ده كان طفل زغنطوط ...و رياضي ....مهذب ..مؤدب ...و خجول....و ده المستغرب في زمنا ده !! خاصة أن الولاد في هذا الزمان – و في كل زمان وحياتك- ناس تخاف متختشيش!!! يعني ترفعلهم شعار الشبشبة هي الحل!!..لكن صاحبنا كان عكس شباب اليومين دول ...و كان منذ نعومة أظافره ..خجول ..دمث الأخلاق ..يستحي أنه يتصل بزميلته ..كي تمليه عليه الواجبات ..كان ينوب بأخته عنه!! على عكس كل أقرانه ..في هذه السن!!!!!!...و زي ما أدخل صرعة السبايكي قبل ما تعرفها أوربا!! فقد أدخل صرعة الأهازيج الساخرة التي لم تترك أحداً في حاله !! لا القاعد ولا الماشي و لا الراكب و لا الواقف !! كله !! و كان يرددها ورائه الجميع بغبغائياً!!!...كانت لديه تلك المقدرة الغريبة على تأليفها و تلحينها ..لكن الملفت للنظر أنه لم يشترك أبداً في جرم إلقائها ..أو صب ألهبتها على الضحايا!!!...... و لازالت نكات محمدين و قهقهاته العالية تحضرني ...و إن طمست المحتويات في سراديب ذاكرتي الهلامية!!!.و تنوعت الفئات التي أستهدفتها أهازيج محمدين النارية ....فمن الكلابيز أصحاب الكروش الكبيرة ، اللي بينهجوا في الطالعة و النازلة!!! و كانت السخرية تتنوع من بالو ..إلى بالونة ...و دبدوب...و الطخين أهو .أهووو...( والحمد لله العبدة لله لم تكن في هذه الفئة أنذاك)و كان هناك ..الطلبة الذين يزدرون الطعام إزدراداً..(يعني بيبلعه ) ...و اللي كانوا بيكثروا من مضغ الأكل ..( و لست واثقة أن أسمي لم يندرج على اللائحة) و في الطلبة الدحاحين... اللي محدش بيحبهم خالص !!من العيال اللي بيبقوا قاعدين في الديسك الأولاني و لابسين ندرات قعر كباية!! و مركزين لدرجة فتح بقهم ببلاهة !!! و بيكتبوا كل فسسسوة بيقولها المدرس!!!!ده غير قرقعتهم بأصابعهم أول ما يُطرح سؤال...و تباريهم في أيهم سنال شرف ..الإنتهاء أولاً من الإجابة !! و هو الأمر الذي يستفز الطلاب عموماً و اللي ملهمش في العلام خصوصاَ( و العبدة لله كانت تقع ضمن هذه الفئة)!! و كمان أصحاب الرائحة النتنة ...و المقملين والمقملات!!! و على رأسهم المسكينة حبيبة و التي تحجب ثلاثة أرباع بنات الفصل أنذاك..خوفاً من طيران قملها!! و استقراره على رؤوسهم !!!...و نشروا عنها شائعات بغيضة ...و أتهموها ..و أسائوا إلى سمعتها كثيراً و نسجوا الأساطير حول ما يطير من رأسها (و لا كأنه مستنقع أو مقلب قمامة!!). الحمد لله لأنني كنت أقع في قائمة الدحاحين ....فقد كنا ننل أقل قدر من السخرية !! و أهونها لذاعة!!....و يبدو أن حبيبة المسكينة ..لم تسلم من صاحبنا!! فتخلص من القمل تدخل على الصن سيلك ..فقد كان يصفها بأنها أحسن دعاية لشامبو الصن سيلك ...و بسزاجة طفولية .. أولا تعني صن شمس؟!! أي شعرها المشعث من عند الجبين ..و مقنفد!!...أما السيلك...فهو الليف السيلك ...و هي تمثل حالة شعر حبيبة ..المشعث ..المقنفد!! ....و كنت بخاف جداً من موضوع الصن سيلك ده ..يعني مش ناقصين فضايح ..و لأن شعري الحمد لله مش سلك ..لكنه كان قابل أنه يبقى صن!!...... ...لكن عقدة الصن لازمتني فترة طويلة في طفولتي ..فكنت أبل شعري قبل نزولي للمدرسة ...و أثناء الدوام المدرسي حتى لا يكون سلك ...و هو ما كانت تنهرني أمي عليه ...قائلة : أن شعري كويس و مش في حالة الصن ..و أقنعتني أنها تهيئات !!و أكيد حسبنت على محمدين!! ...
كما أنه أول من أدخل الكور المطاطية الصغيرة ...و التي كانت أملة بالنسبة لها...و كان يجري الحوش كله وراها!! و من ضمن نوادره أنه كان ينادي بأعلى صوته ..على أي من الزملاء ...فحين ...يرد المُنادى ...يقول له ...ما كنا يردده الجميع ورائه وقد فتحوا فيهم بإنشكاح ....
حقول للميس عليك ....
أن أنت بتاكل كيك و بتلعب بالبوفتيك
و لا أدري حتى الآن سبباً الساعدة العارمة التي كانت تملأ المكان...و لا أجد تفسيراً لهذه الكلمات التي كانت تُردد و كأنها نشيد وطني!!!
فما علاقة الكيك بالبوفتيك ؟!! و هل يا ترى يصلحا للأكل معاً؟!! أم سيتسببا بكبسة معوية عويصة..قد تتطلب غسيل معدة عاجل !!!!ا
و يبدو لي أننا كنا من ولالد الزوات ...الذين لم يتمرمغوا في تراب الميري!!!...فبنقول ميس ...و بوفتيك ..في حين كان الفول و الطعمية أملة أياميها ( و لا يزالو)
و يحضرني أيضاً:
عاااوزيين دم
عااااوزييين الناس تتلم
عاااوزين موت
عاااااوزين الناس تموت
و دي كانت صرعة في عالم الغناء بالنسبة لنا !!! و هو ما كان يناقض طبيعة محمدين المتسامحة!! التي تبعد عن الشر و تغنيله!!!...فهو لم يكن من هواة الخناقات و المشاكل!!....كم كانت تعلو الضحكات !! و كم كنا سعداء !! بهذه الصرعات العجاب ( بالنسبة لنا في هذا الوقت) !!...ممكن تستغربوا!! و أنتوا تعرفي كل التفاصيل دي منين و إزاي؟!! ..أعرفها لأن محمدين كان من أقرب أصدقائي أيام الطفولة البريئة !!..و إن كنت لم ألتق به منذ ما يقرب من الثلاث سنوات . قد تسألوني ...و أنت إيه اللي فكرك بيه بعد كل هذه السنوات؟!!...هذا لأنني منذ ما يقرب من الشهرين ...وصلني إتصال من أمي تنعي إلي فيه محمدين!!!! الذي مات في حادث سيارة و هو لم يتم عامه التاسع عشر بعد!!!..يومها بكيت بكائاً مريراً ..و أخذت أقلب في ألبومات الصور ..و أبكي ...و أنظر في الصور التي وضعوها على جروب لأصدقائه في الفيس بوك ( و هي جروبات لمن توفوا...و أصبحت منتشرة و المؤلم أنهم كلهم في أعمار الزهور)...قد يتعجب البعض ..كيف تدحثي عنه بهذه السخرية !!! أنا لم أكتب عن هذه الواقعة سطراً !! إلا الآن !! لأنني لا أريد أن أتذكر ...له سوى هذه الذكريات التي تسليني ..حين يستبد بي الملل!!..كما أنني أريد أن أنسى ما حدث بعدها..أريد محوه بالأستيكة!!! كأنه لم يحدث ..و كأنني لم أره ..أو أسمع عنه!!!..لا أريد أن أتذكر صديق الطفولة سوى كل ما هو جميل!!! أريد أن أتذكره بالبسمة التي كان يرسمها على الشفاة ..و ليس بالدموع أو الضعينة.لا أريد أن أتذكر أننا كنا وجها لوجه و لم نكن نتصافح ..و أنا عن نفسي كنت أتبع القاعدة التي تحفظها كل بنت عن ظهر قلب و هي :

اللي عاوزني يجيني ...أنا ما برحش لحد!!!

أووووف أنا قلت إيه ...عاوزة أتذكر له كل خير....الله يرحمك يا أخي ....و في حفظ إلى و إلى رحمة من الله و مغفرة بإذنه ...و سأدعو لك في كل صلاة ما درجت على الدعاء به لنفسي ( دون أن أعرف عمن أخذتها) ..يا رب أسترني حياُ و ميتاُ ..و أسترني دنيا و آخرة.....أقرولوا الفانحة يا جماعة.....

الأحد، 15 فبراير 2009

موبايلي وقع في المية ....هابي زالنتين داي!!!


يا عيني عليه و على بختي ....مكتوب علي قضاء ..أهم عيد في السنة بين واحد من خيارين ...أحلاهما مٌر شديدة المرارة ..الخيار الأول: أن أقضيه وحيدة ...شاردة في غرفتي و بين تلال كتبي الجامعية ، التي لم أقرأ صفحة واحدة من أي منها!! و الخيار الثاني : أن أقضيه مع أخي ( الذي يحلو لي تسميته ...حماقه مع كامل علمي أنني أخالف القاعدة الجليلة خير الأسماء ما حُمِد و ما عُبد) و نظراً للظروف العوائلية (الشبه دائمة يعني ) و مع وجود والدي خارج أرض الوطن ( ربنا يرجع كل مسافر بالسلامة ) ...فتقلصت خيارتي ....لكنني قررت أن أتمرد !! و أن أستمتع بالزالنتين ( وهو الأسم الذي يطلقه الأصدقاء ) ...حتى لو لوحدي ..و أن أتمثل بمقولة الست إليسا الشهيرة (لوحدي طب و ماله!!)...أستيقظت من النوم و كلي عزم أن أجعل هذا الزالنتين ..أفضل زلنتين لي في حياتي ( التي لم أحتفل أبداً فيها بالزالنتين ..لأنني على ما يبدو رجعية ) ... و لا أدري لما قفز إلى ذهني مشاهد مظاهرات الإحتجاج التي ملأت الهند إحتجاجاً على فقدان الناس لهويتهم ..و غربنة المجتمع الهندي !! و لهث الشباب وراء البدع ...و منها الزالنتين!! و قلت لنفسي زينا بالظبط مليين الشوارع إحتجاجات على الغلاء و الكواء ..و أرتفاع الأسعار السريع (اللي ولا سرعة الضوء) و عجبيييييييي...رن موبايلي الحيلة معلناً وصول رسالة...فقفزت فرِحة : هاااا لعله أول تهنئة لي بالزانتين!! ..فإذا به إعلان عن أحد المسابقات!! ..:@ آه من أبو إتصل لتفوز بالجائزة الكبرى ...و الحقيقة الكبرى أنه لا جائزة و لا إحزنو!!..هكذا كانت أفكاري دائماً متبعثرة!! أدخل في موضوع و أخرج في موضوع ...و محدش بيفهم حاجة!!. قررت زيارة إحدى قريباتي ...و ده لضمان عدم توقف المعونات الغذائية عننا !! و نظراً لكون العبدة لله طباخة ماهرة !! فإن الأقارب لم يبخلوا بمدنا بالمؤن الغذائية ، المطبوخة طبعاً ..( و كله بحسابه أكيد) و لذا فقد أصبحت ، -و على غير عادة مني – من أشد الناس حرصاً على صلة الرحم !! و الروابط العوائلية الموغلة في القدم!! و أهو اللي متحتجش لوشه بكره تحتاج لقفاه!! ..فأنتعلت حذائي ذي الكعب العالي !! و وضعت مكياج ..و تأكدت من أنني لا أبدو مثل موظفات القطاع العام ( كما يحلو لأمي أحياناً أن تصفني )..و لكنني و بكل صدق ، كنت في شغل عن كل هذه الإستعدادات ..نظراً لخوفي من (إنكفائي على وجهي ) في حال نزولي إلى الشارع ..لأن النقر و الحفر في الشوارع من جانب ..و المجاري الطافحة ..من جانب آخر ..فيأما أقع في النقر...يا أما أبتل!!.ربنا سترها و لم أنكفأ على وجهي في الطريق ..لكنني أحسست بكاحلي يشاور عقله أكثر من مرة بأن يلتوي ، و لكنه فيه الخير مفرجش الشارع عليه!! .أنهيت الزيارة العوائلية سريعاً ..و تأكدت أن المعونة الغذائية ( من المحمر و المشمر طبعاً) ستصل في الموعد المحدد. عدت إلى البيت سريعاً ...لأبدل حذائي ذي الكعب و أرتدي بدلاً منه جزمة كوتش ( على رأي جدتي ) ..! و نظراً لصربعتي دخلت لألقي نظرة اخيرة على شكلي ..في مرآة الحمام ..فوضعت الموبايل فوق جردل مغطى !! و نظرت متفحصة في المرآة و حين هممت بالخروج ..خبطت رجلي الغردل ..و أُزيح الغطاء!! و سقط ..موبايلي الحيلة في الماء!! و شيعته بنظرات ملؤها الخسرة ..لكن أبدن لن أضيع زالنتينتي الأول في التحسر على موبايلي الحيلة !! خاد الشر و راح!!..و هممت في نشاط ..كي أحتفل بالزالنتين ..و لأنني ممن تربوا في الخليج ..فالميكروباصات و المترو ..أملة بالنسبة لي!!..يعني أسعد لحظات حياتي تكون حين أركب الميكروباص و أفتح فاهي في دهشة و هو يسير بسرعة على كورنيش النيل ( و صراحة نفسي أجرب التوكتوك كمان) ، لكن دي أملة و أهي أحسن من الحمير و لجمال!! و مع كامل إحترامي للشعب المصري من أسوان للسلوم ..الذي يعاني من وسائل النقل العامة ..و خاصة الأخوات الحوامل اللي بيخدوا كل رزع و هبد الميكروبصات و السادة اللي بيقفل عليهم المترو و يمشي!! . و صلت إلى منطقة التحرير ، و طلبت من سائق الميكروباص أن يُنزلني ، عند الملف!! ( و دي معروفة لرواد الميكروباصات طبعاً). طأت قدمي الشارع لأرى المكان كله مكسو بالحَمار ( بالفتحة مش حُمار بالضمة) ..زهور حمراء ، دباديب حمراء و حتى كراريس حمراء..كل المشاة ماسكين أي شيء أحمر ، و حتى لا أبدو دخيلة على المحتفلين و المحتفلات بالزالنتين ..قررت أن أقصد كشك الزهور ..على الجانب الآخر في الطريق ..لأشتري و لأول المرة في حياتي باقة زهور حمراء !! محدش أحسن من حد يعني ..و متنسوش (لوحدي طب و ماله ) ..و مشيت في الشوارع التي أكاد لا أعرفها ..( و هنا إحدى هفوات جنوني ، و هي أنني أفضل السير في الطرق التي لا أعرفها) ..و كلي زهو بباقة الزهور التي أشتريتها لنفسي!!..أخذت أمشي في الشوارع لا أدري كم من الوقت ..لكنني قررت أن أتأمل المباني المحيطة ، التي طالما ما أعجبني معمارها ..دون أن تُتاح لي فرصة مشاهدتها ، عن كثب !! و كنت أرى من طرفي عيني ..السائرين و السائرات ..حاملين ما لذ و طاب من هدايا الزالنتين ..من شيكولاته و دباديب و قلوب ..و توقفت عند إحدى البائعة الجائلين ( لأنني من بتوع الرخيص مفيش أحسن منه)..و أخذت أجول بنظري بين بضائعه حتى أستقر رأيي على شراء قلوب حمراء مثبته على عود خشبي ..لكل واحدة من صديقاتي اللاتي سألتقيهن غداً...و كان لي هدف خفي من وراء شراء هذه الهدية بالزات ..و هي أن لها إستخدان مزدوج ..بمعنى أن بإمكانك أن تعطها لمن تحب ..أو تفقأ بها عين من لا تحب (مستخدماً حد العود ) ..و أرجو التنبيه أني جاية أهدي النفوس و لا أسعى لنشر الجريمة!!. ..أنتهى زالنتيني لأنني شعرت بالإيعاء و سمعت زقزقة معدتي !! و لأنني لا أحب أن أغضب معدتي أبداً, قررت أن أكن أول مستقبلي المعونة الغذائية (من المحمر و المشمر ) في حين وصولها !!

و قررت أن أعود بالمترو ..لأنتقل من الشوارع الواسعة ، و العلامات المرورية الأرضية و إشارات المرور ..و لأؤخذ أخذاً من بين إخواني الزالنتيين ..لأجد نفسي في طرقات حي المتهالكة ..الذي كان يوماً جزئاً من القاهرة الكبرى ..قبل أن تتحول إلى القاهرة الصغرى!!.

هابي زالنين داااااي