القمر يبتسم لي

في بداية مراهقتي حين كنت أختلي بنفسي بضع لحظات في غرفتي ...أفتح النافذه و الشباك السلكي الذي كنت أرفض إغلاقه بشدة على الرغم من إعتراض أمي المستمر!!. كان إغلاقه يشعرني أنني سجينة هذه الغرفة التي لا يمكنني الشبابيك و النوافذ الموصدة فيها أن أطالع و أرنو إلى السماء.كنت أقف أمام النافذة المفتوحة للحظات أو دقائق أُ ُحيي قبل نومي ...كنت حين أنظر إلى وجه القمر ...يخيل إلي أنه ينظر إلي و يبتسم !! بل أقسم أنني كنت أستطيع أن أرى ملامحه...ذلك الوجه المحبب إلى قلبي ...ذلك الوجه الذي يسهرني الليالي الطوال ...دونما أن أعرفه أو أقابله !! بل أنني لا أعرف أين سأقابله أو كيف أو حتى متى؟!! لكن خيالي كان يصور لي حينها أنه هو أيضاً ينظر إلى القمر مثلي و يبتسم حين أبتسم و أنه يراني و أنا أبتسم أيضاً.....لا أدري هل هي أحلام شابة عادية أم خزعبلات طفلة تنازع غيرها ما يملكون؟!! لم أبُح بهذا لأي أحد ، كائناً من كان ....لأنني لم أشأ أن يظنني البغض مجنونة أو بنت قليلة الأدب عاوزة تتجوز !! فأعتبرت هذه الخواطر أو الخزعبلات ، هي سري الذي لا يحق لأحد أن يشاركني فيه ...فلم أشأ أن أسمع جملة : كفاكي أحلاماً ، أنظري حولك...بمرور الوقت خفت الجذوة ...لا أدري هل هي الدنيا و الإنشغالات أم أنني أصبحت عاقلة ؟؟!! . الكل من حولي متشآم . الكل يرى أن هذه الأرض مجنونة لا مكان لعاقل فيها!! الكل يقول لي أنه لا وجود لهذا الحب المزعزم..و أنه من يشتهيه لن أجد يوماً هذا من تريدينه !! إلا إذا كان يكبرك بعشر أو خمس عشر سنة ...يعني سأتزوج رجل في عمر خالي !! و البعض الآخر يهاجم أية فتاة في سني تتحدث عن هذا الموضوع ...فالبنت المحترمة هي التي تلتفت إلى دروسها و تكون مثل العسكري !! يعني حاجة كده شبه الشويش عطية!! و كأن أن تجد فتاة مثلي من يشاركوه طموحاته و إهتماته هو الكثير ، الكثير الذي لا يمكن أن تجده في العالم المجنون اليوم!! ...هل حلمي أسري بعيد المنال ؟؟ هل هو ضرب من ضروب الخيال ؟ . هل أن أجد من يشاركني شرب كوب النسكافيه في الشرفة و مطالعة الصحف في الصباح ...هل أن أجد من يشاركني نزهتي الأسبوعية ، التي أسير فيها حتى التعب!! هل أن أجد من يصحبني إلى حفلات عُمَر خيرت و ملرسيل خليفة أو الأوبرا...هو الحلم الُحال؟!! هل أن أجد من أصلي معه قيام الليل أو من يجلس معي أنا و أبنائي لنقرأ القرآن الكريم ...أو من يضع أبنائي على حجره ليقرأ لهم الشعر أو القصص ....هل كل هذه أضغاث أحلام ؟!...البعض يرمقني بنظرات التعجب ...فلا يمكن الصعود للقمر عبر سلم خشبي!! ..و البعض الآخر يتندر علي قائلاً : لم نركِ يوماً تذهبين لأياً من حفالات الأوبرا؟!! ....قالوا لي : لا تعشقِ حتى لا تحترقِ ..أنت فتاة و ليس العشق للفتيات..حسناً أنا فتاة ..و سأعشق لأن الله لم يخلق فطرتي لتُهلكني...مهما قال الناس من حولي ...و مهما كَثُر التندر علي...فسأظل أرنو للقمر من نافدة غرفتي ... سأجد ذلك الحب الذي يجعلني أتلمس أشعة القمر الفضية بيدي ...